الكذب عند الأطفال : مرض أم سلوك !

الكذب عند الأطفال

ما الأسباب التي تدفع الطفل نحو الكذب ، وهل هناك ظروف معينة يمر بها الطفل دفعته للكذب ، وكيف يمكن أن نعالج الأمر حتى لا يتكرر ويصبح الطفل كذاباً ، وهل هناك أنواع للكذب ؟

كل هذه الأسئلة توجهنا بها إلى الدكتورة أماني سعيد ( أستاذ مساعد علم النفس التربوي ) ، والتي حدثتنا قائلة : بداية يمكن تعريف الكذب بأنه عمل استجابات صادرة عن الطفل بصورة واعية ، يقوم فيها الطفل بتحريف الواقع وتغييره وتشويشه وذلك لعدة أسباب ؛ منها خداع الآخرين أو ليفلت من عقاب ما أو لينتقم من الآخرين ، ويمكن القول إن الكذب يأخذ لدى الطفل صيغة واحدة لكن أسبابه مختلفة ويقسم إلى أنواع حسب الهدف الذي يحققه للطفل .

ما هى أنواع الكذب ؟ تقول الدكتورة أماني للكذب أنواع عديدة منها :

الكذب الخيالي :

وهو الذي يمارسه الطفل في سن الثلاث سنوات تقريباً حيث يخلط الطفل في حديثه بين الواقع والخيال ، وبين الماضي والحاضر والمستقبل وبين الأحلام والحقيقة ، ومن أحد أسبابه الرئيسية عدم قدرة الطفل على التمييز بين الأزمان المختلفة ، كذلك ضعف الذاكرة عن الاحتفاظ ببعض التفاصيل أو تعاقب الأحداث كما حدثت في الواقع ، وهذا النوع من الكذب يختفي فور تخطي الطفل هذه المرحلة.

الكذب التقليدي :

وهو الناتج عن رؤية نماذج في حياة الطفل تكذب في أحاديثها مثل الوالدين ، لأن الطفل اعتاد أن يسمع أحد والديه يكذب أمام الآخرين أو رؤيته لوالدته تختلق الأعذار لتعليل بعض المواقف والتصرفات ، أو كذبها أمام أبنائها مما يجعلهم يعتقدون أن الكذب هو مفتاح الخروج من الأزمات ، كل هذا يجعل الطفل يكتسب الكذب ويتعلمه بصورة قوية لأنه مرتبط بالنماذج الأولى المؤثرة في حياته.

الكذب الدفاعي أو الوقائي :

ويعتبر هذا الكذب بهدف تجنب اللوم أو العقاب الشديد من قبل الآخرين ، ولعل أسبابه ترجع إلى أساليب العقاب المبالغ فيها والتي يتعرض لها الطفل من قبل الآخرين المتمثلين في الوالدين والأصدقاء والمدرسيين .

الكذب الإدعائي :

هذا النوع من الكذب يلجأ إليه الطفل كتعويض عن شعوره بالنقص ، أو لتحسين صورته في نظر الآخرين أو ليحافظ على تقديرهم له ، مما يجعله يلجأ للمبالغة عندما يروي لوالديه وقائع كاذبة حول إنجازاته ، فعلى سبيل المثال يؤكد لهم أنه نجم مباراة كرة القدم حيث أحرز أربعة أهداف ، أو إذا كان يشعر بأنه أقل من غيره أو مضطهد أو غير ذي قيمة ، وبالتالي يلجأ إلى الادعاء بأقوال وأفعال من أجل لفت إنتباه الآخرين.

الكذب الانتقامي :

وفيه يلجأ الطفل إلى إيقاع الأذى بشخص آخر لا يستطيع مواجهته ، ويأخذ شكل توجيه إتهامات باطلة لإخوته وأصدقائه كذباً بأن أحدهم ضربه أو وجه إليه لكمه ، أو يقوم بكسر النافذة بالكرة ويتهم أحد أشقائه بأنه فعل ذلك ، وهو ناتج عن مشاعر الكره والغضب والغيره ، ويرجع ذلك إلى عدم إشباع الحاجات النفسية للأطفال في شعورهم بالمساواه والعدل في المعاملة ، والشعور بالتقبل والحب من الآخرين.

الكذب العنادي :

وهو الذي يلجأ إليه الطفل لشعوره بالنشوه في تحدي السلطة وسعادته عندما يتمكن من خداعها ، كما يلجأ لذلك كنتيجة للتسلية أو لتوقيع السخرية بهذه المصادر المتسلطة.

إرشادات عامة :

تقول الدكتورة أماني لكي نتجنب حدوث أنواع الكذب المختلفة لابد من مراعاة عدد من الإجراءات في أساليب التنشئة الاجتماعية ، وقواعد الثواب والعقاب والمعاملة المتجانسة بين الأفراد في الأسرة الواحدة ويمكن إجمال هذه الإجراءات في :

– مراعاة الأسرة مدى تأثيرها في الطفل وتصبح القدوة الحسنة التي لا تكذب على الطفل.
– عدم ممارسة عادة الكذب حتى في المواقف البسيطة ، فمثلاً إذا أراد الأب ألا يرد على التليفون فيرسل الأم لتقول إنه غير موجود ، وفي نفس الحال يذهب إلى غرفة مجاوره حتى يرى الطفل بنفسه أنه بالفعل غير موجود بجوار التليفون.
– تعريف الطفل بمعنى السلوك الصادق وأنه يمثل أحد أفضل مزايا الشخصية المثالية ، التي يجب أن يرقى إليها الطفل.
– مناقشة الطفل حول الكذب في بعض الأمور الصغيرة ودورها في التقليل من مركز الطفل في الأسرة.
– التخلي عن بعض الأساليب الخاطئة في المعاملة والتنشئة والتي منها العقاب المبالغ فيه سواء جسدياً أو معنوياً.
– إعطاء فرص متنوعة وغير متسرعة لتعديل سلوك الطفل تبدأ بأن يقر الطفل بأنه قام بخطأ كبير ويستحق المحاسبة ، ثم تدله الأم على الإجراء المناسب الذي يلجأ إليه في مواقف الكذب المتكررة لديه ، وتقوم بعمل بروفة أو تمثيلية لهذه المواقف حتى يتصورها ذهنياً ويبدأ في ممارسة السلوك المناسب في هذه البروفات.
– الإكثار من القصص التي تؤكد على الأخلاق الحسنة وحب الغير للآخرين ، خاصة قبل النوم حتى تظل نشطة في ذهن الطفل لفترة طويلة.
– إشباع الحاجات النفسية للطفل ومنها إشعاره بالتقبل من خلال التفاؤل الجسدي والنفسي ، المتمثلة في الحضن والترتيب على الشعر وتبادل النظرات الراضية.
– عدم استخدام المقارنات بين شخصين الطفل وأقرانه ممن هم في نفس عمره لأن ذلك يثير مشاعر الغيره.

اترك تعليقاً