لا أحب نبرة التشاؤم والحزن التي كثيراً ما أكتب بها ، ولكني أجد راحة غريبة معها ، ربما لأن حياتنا رغم لحظات السعادة التي نحظى بها ، إلا أنها تضعنا في كثير من محطاتها في مواقف لا تتحملها أرواحنا ، ولكننا نتحملها مرغمين.
نتحمل أشياء كثيرة من أجل أشياء لا نعرف مدى أهميتها في حياتنا ، نتحمل ساعات الانتظار الطويلة في محطات القطار ، وفي موقف سيارات التاكسي ، وفي المطارات ، وساعات أخرى في مدة الوصول إلى الوجهة التي نريدها.
نتحمل الانتظار بكل قساوته ، انتظار فرحة التخرج التي ربما لم تحدث لطلبة كثيرين انتظروها ولم يظفروا بها.
انتظار فارس الأحلام الذي نرسم له في خيالاتنا صوراً مختلفة ، ونتنازل يوماً عن يوم عن كثير من تلك الصور ، فلا فارس الأحلام كاملاً يأتي ، ولا فارس الأحلام المبتورة صوره أيضاً يأتي.
انتظار رد بالإيجاب على قبول توظيفنا في الوظيفة التي نريدها ونحبها ، ثم نزهد في ذلك وننتظر الظفر بأي وظيفة كانت ، المهمة الوظيفة ، ونادراً ما يقودنا إلى الانتظار إلى ما ننتظره.
انتظار الأم لمدة تسعة أشهر لطفل لا تعلم إن كانت قد تفرح به أم لا! هي فقط تنتظر بسعادة يرافقها الخوف والقلق.
انتظار اتصال ممن نحب ، ومن محاسن أو مساوئ الصدف أن العالم كله يتصل بك في موعد انتظارك ، إلا من تنتظر اتصاله.
انتظار كلمة يقولها أحدهم حتى تغير حياتك كلها، ولكنه لا يقولها ، فتتغير حياتك فعلاً ولكن ليس كما كنت تريد وتنتظر .
انتظار نتائج فحوصات مريض مشكوك في أنه مصاب بمرض ما ، ينتظر أن تكون النتيجة سلبية ، فيطول انتظاره ، ويتمنى مجرد ظهور النتيجة حتى وإن أكدت مرضه فعلياً. هناك انتظار يقتل أكثر من أخطر مرض مزمن.
انتظار كل شيء في الحياة بفرح وخوف ، ثم بقلق وخوف متزايد ، ثم بملل من المفترض أن نتعلم منه أن لا ننتظر ، ولكننا برغم كل ذلك الخوف والملل نستمر في الانتظار.